قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَر في فَتْحِ البَارِي (ص147) [ قَوْلُهُ: (بَابُ مَا قِيلَ في لِوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اللِّوَاءُ بِكَسْرِ اللاَّمِ وَالْمَدِّ هِيَ الرَّايَةُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا الْعَلَمُ، وَكَانَ الأَصْلُ أَنْ يُمْسِكَهَا رَئِيسُ الْجَيْشِ ثُمَّ صَارَتْ تُحْمَلُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ (اللِّوَاءُ غَيْرُ الرَّايَةِ، فَاللِّوَاءُ مَا يُعْقَدُ في طَرَفِ الرُّمْحِ وَيُلْوَى عَلَيْهِ، وَالرَّايَةُ مَا يُعْقَدُ فِيهِ وَيُتْرَكُ حَتَّى تَصْفِقَهُ الرِّيَاحُ). وَقِيلَ: اللِّوَاءُ دُونَ الرَّايَةِ، وَقِيلَ: اللِّوَاءُ الْعَلَمُ الضَّخْمُ. وَالْعَلَمُ عَلاَمَةٌ لِمَحِلِّ الأَمِيرِ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَالرَّايَةُ يَتَوَلاَّهَا صَاحِبُ الْحَرْبِ. وَجَنَحَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى التَّفْرِقَةِ، فَتَرْجَمَ بِالأَلْوِيَةِ وَأَوْرَدَ حَدِيثَ جَابِرٍ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ)، ثُمَّ تَرْجَمَ لِلرَّايَاتِ وَأَوْرَدَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ (أَنَّ رَايَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ)، وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ (كَانَتْ رَايَتُهُ سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ لابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ (رَأَيْتُ رَايَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفْرَاءَ) وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِاخْتِلاَفِ الأَوْقَاتِ، وَرَوَى أَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ (أَنَّ اللهَ أَكْرَمَ أُمَّتِي بِالأَلْوِيَةِ) إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلأَبِي الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى رَايَتِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) وَسَنَدُهُ وَاهٍ. وَقِيلَ: كَانَتْ لَهُ رَايَةٌ تُسَمَّى الْعِقَابَ؛ سَوْدَاءُ مُرَبَّعَةٌ، وَرَايَةٌ تُسَمَّى الرَّايَةَ الْبَيْضَاءَ، وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهَا شَيْءٌ أَسْوَدُ ].
وبِهَذَا يَتَبَيَّن أَنَّهُ كَانَ لرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَكْثَر مِنْ رَايَةٍ، إِلاَّ أَنَّ الحَدِيثَ الخَاصَّ بالكَلاَمِ المَكْتُوب عَلَيْهَا لَمْ يَصِحّ، ومِنْ ثَمَّ فَلاَ بَأْسَ مِنِ اتِّخَاذِ رَايَة تُشْبِهُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.