السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني سأكتب لكم هنا ماخرجت به من نتيجه حول هذه النقطه بعد اهتمام تجاوز العشرين سنه ومخالطه لاناس من كبار المعبرين وقراءه لعدد من كتب القدماء والمعاصرين
وسأتكلم عن نقطه واحده وقد اتطرق لنقاط اخرى لارتباطها
هل علم تعبير الرؤى موهبه فقط ام انه يتعلم ؟
الذي خرجت به عن قناعه انه يجمع بين الامرين
فهو نوع من الذكاء + علم وثقافه
فليست العقول واحده فتجد فلانا يتميز بسرعة الحفظ والآخر بقوة الملاحظه وآخر ببعد النظر وهكذا قدرات العقول تتفاوت
فالتعبير يحتاج لذكاء معين يتميز فيه البعض عن البعض فيمكن ان يكون عشره معبرين للرؤى يتمتعون بهذا الذكاء ولكنهم يتفاوتن في قوة هذا الذكاء
ايضا يأتي امر مهم وهو العلم ، ويدخل فيه العلم بالفاظ القرآن والسنه وكلام الناس وعاداتهم وحتى احوال الطقس والنبات وكل شيء حولك قد يأتي كرمز في الرؤى
فلو اتيت برجل يحمل هذا الذكاء ووضعته في بلاد اخرى غير بلاده كأن تأتي بصيني ليعبر لعربي ، فهنا قد يفشل في كثير من الرؤى حتى مع الترجمه بسبب اختلاف المعتقدات والعادات والرموز التي تختلف معانيها من حضاره لاخرى ومن بلد لآخر
اذكر معبر عبر لرجل رؤيا ( اخرج ارنب من جحر ) انه سيأتيه مليون من المال وهنا لو كان المعبر لم يعلم قبل ذلك ان الارنب عند الاخوان المصريين من اسماء المليون فلم يكن ليعبرها
فهنا قد ينجح شخص ضعيف في الموهبه ولكنه كثير العلم والثقافه ويخطيء شخص قوي الموهبه ولكنه لم يتعلم مايكفي من معاني القرآن والسنه وعادات الناس ولهجاتها او يتسرع ويعتمد على مايخطر بباله فقط دون تريث ومراجعه
والله سبحانه وتعالى كرر في سورة يوسف لفظ التعلم في سياق تعبير الرؤى قال تعالى ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ )
وقوله تعالى ( وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ )
وقوله تعالى ( قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي )
وقوله تعالى ( وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ )
فلو كانت فقط موهبه وذكاء لكانت معه منذ طفولته ولما احتاج ( لنعلمه ) بعد ابتلاءه وسجنه ولكان عرف تعبير رؤياه مباشرة حين اخبر بها اباه عليهما وعلى نبينا افضل الصلاة والتسليم
لذلذك المعبر الموفق عليه ان لايظن انها ستأتيه دائما كالهام ، بل عليه ان يجمع بين ذكاءه وبين العلم بمعاني الرموز المتنوعه ، فربما بعد التأني والفكر يوفق لتعبير اصوب ويكون اقرب للتقوى من تعجله في تفسير رسائل ربه
وايضا مهم جدا ان يسأل عن حال الرائي وكم وكم مرت بنا وقرأنا في اخبار السابقين والمعاصرين رؤى تحمل الرموز العظام بينما كان تأويلها الواقع هي احوال خاصه بالرائين وانما كان الكبار في الرؤى مجرد رموز
ومن الامثله المشهور ماروي عن ابن سيرين انه جاءه رجل فقال رأيت اني اؤذن فقال ستحج
ثم جاءه آخر فقال رأيت اني اؤذن فقال انت سارق
فسأله الناس كيف هي نفس الرؤيا وعبرتها تعبيرين مختلفين
فقال رأيت في الاول سيما الصلاح فعبرتها بقوله تعالى ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ )
ورأيت في الثاني سيما الفسق فعبرتها بقوله تعالى ( أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ )
الخلاصه ان الذكاء والموهبه الخاصه بالتعبير لاتكفي وحدها ابدا بل إن اعتمد عليها الممعبر فقط فسيخطيء كثيراً
فعليه ان يتأنى ويتعلم ويتثقف ليجمع معاني الرموز وان يحاول معرفة حال الرائي وماهي الامور التي تشغل باله وهل كان يدعوا الله بشيء او ينتظر شيء او استخار او هل هو طالب او اعزب او مريض او في مشكله او هم او .. او .. فغالبا رؤى العامه من الناس تكون خاصه بهم وبأحوالهم ولاتكون لاحوال الامه العامه الكبيره حتى لو احتوت على الرموز المهمه الكبيره
ثم ان تعبير الرؤى على الامور الهامه البعيده كأحوال الساعه وآخر الزمان مثلاً يجعل التعبير بعيد عن الاختبار ومعرفة صحته من خطأه لان نتيجة هذا التعبير لن تظهر الا بعد سنوات طويله فيظن المعبر ويظن صاحب الرؤيه ان التعبير صحيح بينما هو غير ذلك ولن يستطيعوا تقييمه ، ويفوت على الرائي معرفة مابشره الله به او انذره به من احواله الخاصه
بل ايضاً قد يفتن به إذا كان في التعبير توهم انه سيكون من الاخيار او اعوان الاخيار وسيجعله هذا يتشبث بالتعبير حتى لو كان خاطئاً وهنا فتنه وخلل عظيم
ايضاً هناك نقطه مهمه وهي ان اصحاب الرؤى للاسف لايتفكرون في رؤآهم ، بينما في الاصل هم من اراهم الله اياها ، فلو تفكر كل رآئي وتأمل احواله فإنه قد يوفق لفهم الرساله لانه هو اعرف الناس باحواله وما فعله وما يهمه ويشغل باله
وفقنا الله واياكم للهدى والسداد
==================================================
قال تعالى
( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )
وقال تعالى
( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
وقال تعالى
( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا )
الرئيسية 
