روى الإمام مالك عن معاذ بن جبل بإسنادٍ صحيح قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يقول الله عز وجل:
((وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيَّ، في والمتباذلين فيَّ ))
وفي روايةٍ عند الترمذي يقول الله عزَّ وجل:
(( المتحابون في جلالي على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ))
وقد روى عمر بن الخطاب فيما رواه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إن من عباد الله لأُناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هُم ؟ قال عليه الصلاة والسلام: قومٌ تحابّوا بروح الله على غير أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس))، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية من سورة يونس:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾
( سورة يونس )
هذا الحديث القدسي يُعَدُّ أصلاً في المَحبة القائمة بين المؤمنين، وفي التعاون فيما بينهم، وفي التزاور، وفي المجالسة، وفي التبادل، كل هذه المعاني نستنبطها من هذا الحديث القدسي الذي يعدُّ أصلاً في هذا الباب.
أيها الإخوة الأكارم...
(( إن من عباد الله لأُناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء ))ـ
لعلو مقامهم عند الله، لقربهم من الله عز وجل ـ قالوا:
((يا رسول الله تخبرنا من هم ؟ قال: هم قومٌ تحابوا بروح الله )).
علامة إيمانك هذه المحبة التي تعتلج في صدرك تجاه أخيك المؤمن، إن أبغضته، إن حسدته، فقد وضعت نفسك في خندق المُنافقين، أما إن أحببته وشعرت بالأنس به، وشعرت أنك وإيَّاه من عنصرٍ واحد، من بُنيةٍ واحدة، فهذه علامة الإيمان قال:
((قومٌ تحابوا بروح الله على غير أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يتعاطونها ))
أشار النبي بهذه الفقرة من حديثه الشريف إلى: أن طبيعة الحياة، هناك محبةٌ أودعها الله في قلب الأقارب، علاقة النسب علاقةٌ أساسية لدفع حركة الحياة، لا بد من فطرةٍ أساسيةٍ تقوم بها الحياة، إنها علاقات النَسَب، وإنها علاقات المَصالح، فربما مال قلبك إلى من يربطك به نسب أو مصلحة، ولكن الحب في الله يسمو عن هذا وذاك، يسمو عن علاقة النسب الفطرية، ويسمو عن المصلحة الذاتية، ويرقى إلى مستوىً رفيع من المحبة الخالصة لوجه الله تعالى، تحبه في الله، وتكرمه لله، وتزوره لله، وتبذل له لله، قال تعالى:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾
( سورة يونس )
استنبط النبي عليه الصلاة والسلام من هذه الآية..
(( فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس))
وهذا استنباطٌ آخر.
أيها الإخوة الكرام... هناك الخط العريض في المجتمع، الأكثرية من الناس الغارقون في دنياهم، الغارقون في الشِرْك، الغارقون في حُب الدنيا، المبتعدون عن ربِّهم، هؤلاء كثيراً ما يخافون، وهؤلاء كثيراً ما يحزنون، ولكن علامة المؤمن الصادق، علامة المُتَّصِل بالله عز وجل، أنه لا يخاف إذا خاف الناس، ولا يحزن إذا حزن الناس، إذاً هناك تميُّز، هناك علاقةٌ خاصة، هناك بُنيةٌ خاصة يتمتع بها المؤمن.
منقووووووول