وَقَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَاءَ بِهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , ثُمَّ قِيلَ : لَمَّا أُسْقِطَتْ الْبَاء مِنْهُ أَجَاءَهَا , كَمَا يُقَال : أَتَيْتُك بِزَيْدٍ , فَإِذَا حُذِفَتْ الْبَاء قِيلَ آتَيْتُك زَيْدًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } 18 96 وَالْمَعْنَى : اِئْتُونِي بِزُبَرِ الْحَدِيد , وَلَكِنَّ الْأَلِف مُدَّتْ لَمَّا حُذِفَتْ الْبَاء , وَكَمَا قَالُوا : خَرَجْت بِهِ وَأَخْرَجْته , وَذَهَبْت بِهِ وَأَذْهَبْته , وَإِنَّمَا هُوَ أَفْعَل مِنْ الْمَجِيء , كَمَا يُقَال : جَاءَ هُوَ , وَأَجَأْته أَنَا : أَيْ جِئْت بِهِ , وَمِثْل مِنْ أَمْثَال الْعَرَب : وَشَرّ مَا أَجَاءَنِي إِلَى مُخَّة عُرْقُوب " , وَأَشَاء وَيُقَال : شَرّ مَا يُجِيئك وَيُشِيئك إِلَى ذَلِكَ ; وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر : وَجَارٍ سَارَ مُعْتَمِدًا إِلَيْكُمْ أَجَاءَتْهُ الْمَحَافَة وَالرَّجَاء يَعْنِي : جَاءَ بِهِ , وَأَجَاءَهُ إِلَيْنَا وَأَشَاءَك : مِنْ لُغَة تَمِيم , وَأَجَاءَك مِنْ لُغَة أَهْل الْعَالِيَة , وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِمَعْنَى : أَلْجَأَهَا , لِأَنَّ الْمَخَاض لَمَّا جَاءَهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة , كَانَ قَدْ أَنْجَاهَا إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17781 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض } قَالَ : الْمَخَاض أَلْجَأَهَا . 17782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . 17783 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } يَقُول : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . 17784 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } قَالَ : اِضْطَرَّهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة . وَاخْتَلَفُوا فِي أَيّ الْمَكَان الَّذِي اِنْتَبَذَتْ مَرْيَم بِعِيسَى لِوَضْعِهِ , وَأَجَاءَهَا إِلَيْهِ الْمَخَاض , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ ذَلِكَ فِي أَدْنَى أَرْض مِصْر , وَآخِر أَرْض الشَّأْم , وَذَلِكَ أَنَّهَا هَرَبَتْ مِنْ قَوْمهَا لَمَّا حَمَلَتْ , فَتَوَجَّهَتْ نَحْو مِصْر هَارِبَة مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل , أَنَّهُ سَمِعَ وَهْب بْن مُنَبِّه يَقُول : لَمَّا اِشْتَمَلَتْ مَرْيَم عَلَى الْحَمْل , كَانَ مَعَهَا قَرَابَة لَهَا , يُقَال لَهُ يُوسُف النَّجَّار , وَكَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد جَبَل صَهْيُون , وَكَانَ ذَلِكَ الْمَسْجِد يَوْمئِذٍ مِنْ أَعْظَم مَسَاجِدهمْ , فَكَانَتْ مَرْيَم وَيُوسُف يَخْدُمَانِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِد , فِي ذَلِكَ الزَّمَان , وَكَانَ لِخِدْمَتِهِ فَضْل عَظِيم , فَرَغِبَا فِي ذَلِكَ , فَكَانَا يَلِيَانِ مُعَالَجَته بِأَنْفُسِهِمَا , تَحْبِيره وَكُنَاسَته وَطَهُوره , وَكُلّ عَمَل يَعْمَل فِيهِ , وَكَانَ لَا يَعْمَل مِنْ أَهْل زَمَانهمَا أَحَد أَشَدّ اِجْتِهَادًا وَعِبَادَة مِنْهُمَا , فَكَانَ أَوَّل مَنْ أَنْكَرَ حَمْل مَرْيَم صَاحِبهَا يُوسُف ; فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهَا اِسْتَفْظَعَهُ , وَعَظُمَ عَلَيْهِ , وَفَظِعَ بِهِ , فَلَمْ يَدْرِ عَلَى مَاذَا يَضَع أَمْرهَا , فَإِذَا أَرَادَ يُوسُف أَنْ يَتَّهِمهَا , ذَكَرَ صَلَاحهَا وَبَرَاءَتهَا , وَأَنَّهَا لَمْ تَغِبْ عَنْهُ سَاعَة قَطُّ ; وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئهَا , رَأَى الَّذِي ظَهَرَ عَلَيْهَا ; فَلَمَّا اِشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَلَّمَهَا , فَكَانَ أَوَّل كَلَامه إِيَّاهَا أَنْ قَالَ لَهَا : إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِي نَفْسِي مِنْ أَمْرك أَمْر قَدْ خَشِيته , وَقَدْ حَرَصْت عَلَى أَنْ أُمِيتهُ وَأَكْتُمهُ فِي نَفْسِي , فَغَلَبَنِي ذَلِكَ , فَرَأَيْت الْكَلَام فِيهِ أَشْفَى لِصَدْرِي , قَالَتْ : فَقُلْ قَوْلًا جَمِيلًا , قَالَ : مَا كُنْت لِأَقُولَ لَك إِلَّا ذَلِكَ , فَحَدِّثِينِي , هَلْ يَنْبُت زَرْع بِغَيْرِ بَذْر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ تَنْبُت شَجَرَة مِنْ غَيْر غَيْث يُصِيبهَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ يَكُون وَلَد مِنْ غَيْر ذَكَر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْبَتَ الزَّرْع يَوْم خَلْقه مِنْ غَيْر بَذْر , وَالْبَذْر يَوْمئِذٍ إِنَّمَا صَارَ مِنْ الزَّرْع الَّذِي أَنْبَتَهُ اللَّه مِنْ غَيْر بَذْر ; أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه بِقُدْرَتِهِ أَنْبَتَ الشَّجَر بِغَيْرِ غَيْث , وَأَنَّهُ جَعَلَ بِتِلْكَ الْقُدْرَة الْغَيْث حَيَاة لِلشَّجَرِ بَعْد مَا خَلَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا وَحْده , أَمْ تَقُول : لَنْ يَقْدِر اللَّه عَلَى أَنْ يُنْبِت الشَّجَر حَتَّى اِسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقْدِر عَلَى إِنْبَاته ؟ قَالَ يُوسُف لَهَا : لَا أَقُول هَذَا , وَلَكِنِّي أَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء يَقُول لِذَلِكَ كُنْ فَيَكُون , قَالَتْ مَرْيَم : أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَم وَامْرَأَته مِنْ غَيْر أُنْثَى وَلَا ذَكَر ؟ قَالَ : بَلَى , فَلَمَّا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ , وَقَعَ فِي نَفْسه أَنَّ الَّذِي بِهَا شَيْء مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَأَنَّهُ لَا يَسَعهُ أَنْ يَسْأَلهَا عَنْهُ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ كِتْمَانهَا لِذَلِكَ . ثُمَّ تَوَلَّى يُوسُف خِدْمَة الْمَسْجِد , وَكَفَاهَا كُلّ عَمَل كَانَتْ تَعْمَل فِيهِ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ رِقَّة جِسْمهَا , وَاصْفِرَار لَوْنهَا , وَكَلَف وَجْههَا , وَنُتُوّ بَطْنهَا , وَضَعْف قُوَّتهَا , وَدَأْب نَظَرهَا , وَلَمْ تَكُنْ مَرْيَم قَبْل ذَلِكَ كَذَلِكَ ; فَلَمَّا دَنَا نِفَاسهَا أَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا أَنْ اُخْرُجِي مِنْ أَرْض قَوْمك , فَإِنَّهُمْ إِنْ ظَفِرُوا بِك عَيَّرُوك , وَقَتَلُوا وَلَدك , فَأَفَضْت ذَلِكَ إِلَى أُخْتهَا , وَأُخْتهَا حِينَئِذٍ حُبْلَى , وَقَدْ بُشِّرَتْ بِيَحْيَى , فَلَمَّا اِلْتَقَيَا وَجَدَتْ أُمّ يَحْيَى مَا فِي بَطْنهَا خَرَّ لِوَجْهِهِ سَاجِدًا مُعْتَرِفًا لِعِيسَى , فَاحْتَمَلَهَا يُوسُف إِلَى أَرْض مِصْر عَلَى حِمَار لَهُ لَيْسَ بَيْنهَا حِين رَكِبَتْ وَبَيْن الْإِكَاف شَيْء , فَانْطَلَقَ يُوسُف بِهَا حَتَّى إِذَا كَانَ مُتَاخِمًا لِأَرْضِ مِصْر فِي مُنْقَطِع بِلَاد قَوْمهَا , أَدْرَكَ مَرْيَم النِّفَاس , أَلْجَأَهَا إِلَى آرِيّ حِمَار , يُعْنَى مِذْوَد الْحِمَار , وَأَصْل نَخْلَة , وَذَلِكَ فِي زَمَان أَحْسَبهُ بَرْدًا أَوْ حَرًّا " الشَّكّ مِنْ أَبِي جَعْفَر " , فَاشْتَدَّ عَلَى مَرْيَم الْمَخَاض ; فَلَمَّا وَجَدَتْ مِنْهُ شِدَّة اِلْتَجَأَتْ إِلَى النَّخْلَة فَاحْتَضَنَتْهَا وَاحْتَوَشَتْهَا الْمَلَائِكَة , قَامُوا صُفُوفًا مُحْدِقِينَ بِهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه قَوْل آخَر غَيْر هَذَا , وَذَلِكَ مَا : 17786 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا حَضَرَ وِلَادهَا , يَعْنِي مَرْيَم , وَوَجَدَتْ مَا تَجِد الْمَرْأَة مِنْ الطَّلْق , خَرَجَتْ مِنْ الْمَدِينَة مُغْرِبَة مِنْ إِيلِيَاء , حَتَّى تُدْرِكهَا الْوِلَادَة إِلَى قَرْيَة مِنْ إِيلِيَاء عَلَى سِتَّة أَمْيَال يُقَال لَهَا بَيْت لَحْم , فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى أَصْل نَخْلَة إِلَيْهَا مِذْوَد بَقَرَة تَحْتهَا رَبِيع مِنْ الْمَاء , فَوَضَعَتْهُ عِنْدهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ خَرَجَتْ لَمَّا حَضَرَ وَضْعهَا مَا فِي بَطْنهَا إِلَى جَانِب الْمِحْرَاب الشَّرْقِيّ مِنْهُ , فَأَتَتْ أَقْصَاهُ فَأَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , وَذَلِكَ قَوْل السُّدِّيّ , وَقَدْ ذُكِرَتْ الرِّوَايَة بِهِ قَبْل . 17787 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : مَا هِيَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : لَيْسَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ . وَقَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة }يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَاءَ بِهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , ثُمَّ قِيلَ : لَمَّا أُسْقِطَتْ الْبَاء مِنْهُ أَجَاءَهَا , كَمَا يُقَال : أَتَيْتُك بِزَيْدٍ , فَإِذَا حُذِفَتْ الْبَاء قِيلَ آتَيْتُك زَيْدًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } 18 96 وَالْمَعْنَى : اِئْتُونِي بِزُبَرِ الْحَدِيد , وَلَكِنَّ الْأَلِف مُدَّتْ لَمَّا حُذِفَتْ الْبَاء , وَكَمَا قَالُوا : خَرَجْت بِهِ وَأَخْرَجْته , وَذَهَبْت بِهِ وَأَذْهَبْته , وَإِنَّمَا هُوَ أَفْعَل مِنْ الْمَجِيء , كَمَا يُقَال : جَاءَ هُوَ , وَأَجَأْته أَنَا : أَيْ جِئْت بِهِ , وَمِثْل مِنْ أَمْثَال الْعَرَب : وَشَرّ مَا أَجَاءَنِي إِلَى مُخَّة عُرْقُوب " , وَأَشَاء وَيُقَال : شَرّ مَا يُجِيئك وَيُشِيئك إِلَى ذَلِكَ ; وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر : وَجَارٍ سَارَ مُعْتَمِدًا إِلَيْكُمْ أَجَاءَتْهُ الْمَحَافَة وَالرَّجَاء يَعْنِي : جَاءَ بِهِ , وَأَجَاءَهُ إِلَيْنَا وَأَشَاءَك : مِنْ لُغَة تَمِيم , وَأَجَاءَك مِنْ لُغَة أَهْل الْعَالِيَة , وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِمَعْنَى : أَلْجَأَهَا , لِأَنَّ الْمَخَاض لَمَّا جَاءَهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة , كَانَ قَدْ أَنْجَاهَا إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17781 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله :{ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض } قَالَ : الْمَخَاض أَلْجَأَهَا . 17782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . 17783 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة } يَقُول : أَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة . 17784 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة }قَالَ : اِضْطَرَّهَا إِلَى جِذْع النَّخْلَة . وَاخْتَلَفُوا فِي أَيّ الْمَكَان الَّذِي اِنْتَبَذَتْ مَرْيَم بِعِيسَى لِوَضْعِهِ , وَأَجَاءَهَا إِلَيْهِ الْمَخَاض , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ ذَلِكَ فِي أَدْنَى أَرْض مِصْر , وَآخِر أَرْض الشَّأْم , وَذَلِكَ أَنَّهَا هَرَبَتْ مِنْ قَوْمهَا لَمَّا حَمَلَتْ , فَتَوَجَّهَتْ نَحْو مِصْر هَارِبَة مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد بْن مَعْقِل , أَنَّهُ سَمِعَ وَهْب بْن مُنَبِّه يَقُول : لَمَّا اِشْتَمَلَتْ مَرْيَم عَلَى الْحَمْل , كَانَ مَعَهَا قَرَابَة لَهَا , يُقَال لَهُ يُوسُف النَّجَّار , وَكَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد جَبَل صَهْيُون , وَكَانَ ذَلِكَ الْمَسْجِد يَوْمئِذٍ مِنْ أَعْظَم مَسَاجِدهمْ , فَكَانَتْ مَرْيَم وَيُوسُف يَخْدُمَانِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِد , فِي ذَلِكَ الزَّمَان , وَكَانَ لِخِدْمَتِهِ فَضْل عَظِيم , فَرَغِبَا فِي ذَلِكَ , فَكَانَا يَلِيَانِ مُعَالَجَته بِأَنْفُسِهِمَا , تَحْبِيره وَكُنَاسَته وَطَهُوره , وَكُلّ عَمَل يَعْمَل فِيهِ , وَكَانَ لَا يَعْمَل مِنْ أَهْل زَمَانهمَا أَحَد أَشَدّ اِجْتِهَادًا وَعِبَادَة مِنْهُمَا , فَكَانَ أَوَّل مَنْ أَنْكَرَ حَمْل مَرْيَم صَاحِبهَا يُوسُف ; فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهَا اِسْتَفْظَعَهُ , وَعَظُمَ عَلَيْهِ , وَفَظِعَ بِهِ , فَلَمْ يَدْرِ عَلَى مَاذَا يَضَع أَمْرهَا , فَإِذَا أَرَادَ يُوسُف أَنْ يَتَّهِمهَا , ذَكَرَ صَلَاحهَا وَبَرَاءَتهَا , وَأَنَّهَا لَمْ تَغِبْ عَنْهُ سَاعَة قَطُّ ; وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئهَا , رَأَى الَّذِي ظَهَرَ عَلَيْهَا ; فَلَمَّا اِشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَلَّمَهَا , فَكَانَ أَوَّل كَلَامه إِيَّاهَا أَنْ قَالَ لَهَا : إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِي نَفْسِي مِنْ أَمْرك أَمْر قَدْ خَشِيته , وَقَدْ حَرَصْت عَلَى أَنْ أُمِيتهُ وَأَكْتُمهُ فِي نَفْسِي , فَغَلَبَنِي ذَلِكَ , فَرَأَيْت الْكَلَام فِيهِ أَشْفَى لِصَدْرِي , قَالَتْ : فَقُلْ قَوْلًا جَمِيلًا , قَالَ : مَا كُنْت لِأَقُولَ لَك إِلَّا ذَلِكَ , فَحَدِّثِينِي , هَلْ يَنْبُت زَرْع بِغَيْرِ بَذْر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ تَنْبُت شَجَرَة مِنْ غَيْر غَيْث يُصِيبهَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ يَكُون وَلَد مِنْ غَيْر ذَكَر ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْبَتَ الزَّرْع يَوْم خَلْقه مِنْ غَيْر بَذْر , وَالْبَذْر يَوْمئِذٍ إِنَّمَا صَارَ مِنْ الزَّرْع الَّذِي أَنْبَتَهُ اللَّه مِنْ غَيْر بَذْر ; أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه بِقُدْرَتِهِ أَنْبَتَ الشَّجَر بِغَيْرِ غَيْث , وَأَنَّهُ جَعَلَ بِتِلْكَ الْقُدْرَة الْغَيْث حَيَاة لِلشَّجَرِ بَعْد مَا خَلَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا وَحْده , أَمْ تَقُول : لَنْ يَقْدِر اللَّه عَلَى أَنْ يُنْبِت الشَّجَر حَتَّى اِسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقْدِر عَلَى إِنْبَاته ؟ قَالَ يُوسُف لَهَا : لَا أَقُول هَذَا , وَلَكِنِّي أَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء يَقُول لِذَلِكَ كُنْ فَيَكُون , قَالَتْ مَرْيَم : أَوَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَم وَامْرَأَته مِنْ غَيْر أُنْثَى وَلَا ذَكَر ؟ قَالَ : بَلَى , فَلَمَّا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ , وَقَعَ فِي نَفْسه أَنَّ الَّذِي بِهَا شَيْء مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَأَنَّهُ لَا يَسَعهُ أَنْ يَسْأَلهَا عَنْهُ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ كِتْمَانهَا لِذَلِكَ . ثُمَّ تَوَلَّى يُوسُف خِدْمَة الْمَسْجِد , وَكَفَاهَا كُلّ عَمَل كَانَتْ تَعْمَل فِيهِ , وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ رِقَّة جِسْمهَا , وَاصْفِرَار لَوْنهَا , وَكَلَف وَجْههَا , وَنُتُوّ بَطْنهَا , وَضَعْف قُوَّتهَا , وَدَأْب نَظَرهَا , وَلَمْ تَكُنْ مَرْيَم قَبْل ذَلِكَ كَذَلِكَ ; فَلَمَّا دَنَا نِفَاسهَا أَوْحَى اللَّه إِلَيْهَا أَنْ اُخْرُجِي مِنْ أَرْض قَوْمك , فَإِنَّهُمْ إِنْ ظَفِرُوا بِك عَيَّرُوك , وَقَتَلُوا وَلَدك , فَأَفَضْت ذَلِكَ إِلَى أُخْتهَا , وَأُخْتهَا حِينَئِذٍ حُبْلَى , وَقَدْ بُشِّرَتْ بِيَحْيَى , فَلَمَّا اِلْتَقَيَا وَجَدَتْ أُمّ يَحْيَى مَا فِي بَطْنهَا خَرَّ لِوَجْهِهِ سَاجِدًا مُعْتَرِفًا لِعِيسَى , فَاحْتَمَلَهَا يُوسُف إِلَى أَرْض مِصْر عَلَى حِمَار لَهُ لَيْسَ بَيْنهَا حِين رَكِبَتْ وَبَيْن الْإِكَاف شَيْء , فَانْطَلَقَ يُوسُف بِهَا حَتَّى إِذَا كَانَ مُتَاخِمًا لِأَرْضِ مِصْر فِي مُنْقَطِع بِلَاد قَوْمهَا , أَدْرَكَ مَرْيَم النِّفَاس , أَلْجَأَهَا إِلَى آرِيّ حِمَار , يُعْنَى مِذْوَد الْحِمَار , وَأَصْل نَخْلَة , وَذَلِكَ فِي زَمَان أَحْسَبهُ بَرْدًا أَوْ حَرًّا " الشَّكّ مِنْ أَبِي جَعْفَر " , فَاشْتَدَّ عَلَى مَرْيَم الْمَخَاض ; فَلَمَّا وَجَدَتْ مِنْهُ شِدَّة اِلْتَجَأَتْ إِلَى النَّخْلَة فَاحْتَضَنَتْهَا وَاحْتَوَشَتْهَا الْمَلَائِكَة , قَامُوا صُفُوفًا مُحْدِقِينَ بِهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه قَوْل آخَر غَيْر هَذَا , وَذَلِكَ مَا : 17786 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ لَا يُتَّهَم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا حَضَرَ وِلَادهَا , يَعْنِي مَرْيَم , وَوَجَدَتْ مَا تَجِد الْمَرْأَة مِنْ الطَّلْق , خَرَجَتْ مِنْ الْمَدِينَة مُغْرِبَة مِنْ إِيلِيَاء , حَتَّى تُدْرِكهَا الْوِلَادَة إِلَى قَرْيَة مِنْ إِيلِيَاء عَلَى سِتَّة أَمْيَال يُقَال لَهَا بَيْت لَحْم , فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض إِلَى أَصْل نَخْلَة إِلَيْهَا مِذْوَد بَقَرَة تَحْتهَا رَبِيع مِنْ الْمَاء , فَوَضَعَتْهُ عِنْدهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ خَرَجَتْ لَمَّا حَضَرَ وَضْعهَا مَا فِي بَطْنهَا إِلَى جَانِب الْمِحْرَاب الشَّرْقِيّ مِنْهُ , فَأَتَتْ أَقْصَاهُ فَأَلْجَأَهَا الْمَخَاض إِلَى جِذْع النَّخْلَة , وَذَلِكَ قَوْل السُّدِّيّ , وَقَدْ ذُكِرَتْ الرِّوَايَة بِهِ قَبْل . 17787 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : مَا هِيَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : لَيْسَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ . ' وَقَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا } ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي حَال الطَّلْق اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس , كَمَا : 17788 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَتْ وَهِيَ تَطْلُق مِنْ الْحَبْل اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا }تَقُول : يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا الْكَرْب الَّذِي أَنَا فِيهِ , وَالْحُزْن بِوِلَادَتِي الْمَوْلُود مِنْ غَيْر بَعْل , وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا : شَيْئًا نُسِيَ فَتَرَك طَلَبه كَخِرَقِ الْحَيْض الَّتِي إِذَا أُلْقِيَتْ وَطُرِحَتْ لَمْ تُطْلَب وَلَمْ تُذْكَر , وَكَذَلِكَ كُلّ شَيْء نُسِيَ وَتُرِكَ وَلَمْ يُطْلَب فَهُوَ نَسْي . وَنَسْي بِفَتْحِ النُّون وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مِنْ لُغَات الْعَرَب بِمَعْنًى وَاحِد , مِثْل الْوِتْر وَالْوَتْر , وَالْجِسْر وَالْجَسْر , وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا ; وَبِالْكَسْرِ قَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة ; وَبِالْفَتْحِ قَرَأَهُ أَهْل الْكُوفَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : كَأَنَّ لَهَا فِي الْأَرْض نِسْيًا تَقُصّهُ إِذَا مَا غَدَتْ وَإِنْ تُحَدِّثك تَبْلَت وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَقُصّهُ : تَطْلُبهُ , لِأَنَّهَا كَانَتْ نَسِيته حَتَّى ضَاعَ , ثُمَّ ذَكَرَتْهُ فَطَلَبَتْهُ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَبْلَت : تُحْسِن وَتُصَدِّق , وَلَوْ وَجْه النَّسْي إِلَى الْمَصْدَر مِنْ النِّسْيَان كَانَ صَوَابًا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب فِيمَا ذَكَرَ عَنْهَا تَقُول : نَسِيته نِسْيَانًا وَنَسْيًا , كَمَا قَالَ بَعْضهمْ مِنْ طَاعَة الرَّبّ وَعِصِيّ الشَّيْطَان , يَعْنِي وَعِصْيَان , وَكَمَا تَقُول أَتَيْته إِتْيَانًا وَأَتْيًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَتْي الْفَوَاحِش فِيهِمْ مَعْرُوفَة وَيَرَوْنَ فِعْل الْمَكْرُمَات حَرَامَا وَقَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا } ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ فِي حَال الطَّلْق اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس , كَمَا : 17788 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَتْ وَهِيَ تَطْلُق مِنْ الْحَبْل اِسْتِحْيَاء مِنْ النَّاس : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } تَقُول : يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا الْكَرْب الَّذِي أَنَا فِيهِ , وَالْحُزْن بِوِلَادَتِي الْمَوْلُود مِنْ غَيْر بَعْل , وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا : شَيْئًا نُسِيَ فَتَرَك طَلَبه كَخِرَقِ الْحَيْض الَّتِي إِذَا أُلْقِيَتْ وَطُرِحَتْ لَمْ تُطْلَب وَلَمْ تُذْكَر , وَكَذَلِكَ كُلّ شَيْء نُسِيَ وَتُرِكَ وَلَمْ يُطْلَب فَهُوَ نَسْي . وَنَسْي بِفَتْحِ النُّون وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مِنْ لُغَات الْعَرَب بِمَعْنًى وَاحِد , مِثْل الْوِتْر وَالْوَتْر , وَالْجِسْر وَالْجَسْر , وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا ; وَبِالْكَسْرِ قَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة ; وَبِالْفَتْحِ قَرَأَهُ أَهْل الْكُوفَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : كَأَنَّ لَهَا فِي الْأَرْض نِسْيًا تَقُصّهُ إِذَا مَا غَدَتْ وَإِنْ تُحَدِّثك تَبْلَت وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَقُصّهُ : تَطْلُبهُ , لِأَنَّهَا كَانَتْ نَسِيته حَتَّى ضَاعَ , ثُمَّ ذَكَرَتْهُ فَطَلَبَتْهُ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَبْلَت : تُحْسِن وَتُصَدِّق , وَلَوْ وَجْه النَّسْي إِلَى الْمَصْدَر مِنْ النِّسْيَان كَانَ صَوَابًا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب فِيمَا ذَكَرَ عَنْهَا تَقُول : نَسِيته نِسْيَانًا وَنَسْيًا , كَمَا قَالَ بَعْضهمْ مِنْ طَاعَة الرَّبّ وَعِصِيّ الشَّيْطَان , يَعْنِي وَعِصْيَان , وَكَمَا تَقُول أَتَيْته إِتْيَانًا وَأَتْيًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَتْي الْفَوَاحِش فِيهِمْ مَعْرُوفَة وَيَرَوْنَ فِعْل الْمَكْرُمَات حَرَامَا ' وَقَوْله { مَنْسِيًّا } مَفْعُول مِنْ نَسِيت الشَّيْء كَأَنَّهَا قَالَتْ : لَيْتَنِي كُنْت الشَّيْء الَّذِي أُلْقِيَ , فَتُرِكَ وَنَسِيَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17789 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أُخْلَق , وَلَمْ أَكُ شَيْئًا . 17790 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا }يَقُول : نَسْيًا : نُسِيَ ذِكْرِي , وَمَنْسِيًّا : تَقُول : نُسِيَ أَثَرِي , فَلَا يُرَى لِي أَثَر وَلَا عَيْن . 17791 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } : أَيْ شَيْئًا لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَر . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : لَا أَعْرِف وَلَا يُدْرَى مَنْ أَنَا . 17792 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس { نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : هُوَ السِّقْط . 17793 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أَكُنْ فِي الْأَرْض شَيْئًا قَطُّ . وَقَوْله { مَنْسِيًّا } مَفْعُول مِنْ نَسِيت الشَّيْء كَأَنَّهَا قَالَتْ : لَيْتَنِي كُنْت الشَّيْء الَّذِي أُلْقِيَ , فَتُرِكَ وَنَسِيَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17789 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أُخْلَق , وَلَمْ أَكُ شَيْئًا . 17790 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } يَقُول : نَسْيًا : نُسِيَ ذِكْرِي , وَمَنْسِيًّا : تَقُول : نُسِيَ أَثَرِي , فَلَا يُرَى لِي أَثَر وَلَا عَيْن . 17791 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } : أَيْ شَيْئًا لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَر . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : لَا أَعْرِف وَلَا يُدْرَى مَنْ أَنَا . 17792 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس { نَسْيًا مَنْسِيًّا } قَالَ : هُوَ السِّقْط . 17793 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَبْل هَذَا وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا } لَمْ أَكُنْ فِي الْأَرْض شَيْئًا قَطُّ . ' |