بحث دقيق حول علامات الساعة ...منقول

أردت في هذا المقال أن أتحدث بعون الله عن أشراط الساعة الكبرى، فما لاحظته هته الأيام هو تسارع وتيرة الأحداث التي لم تشهد لها الأمة مثيلا منذ انطلاق الرسالة المحمدية. و ما كان هذا المقال إلا بعد بحث و تمحيص و استشارة لعلمائنا الأجلاء حفظهم الله و مطالعة لكتب السنة النبوية و الأحاديث الشريفة، فهذا المقال بعون الله سيكون عصارة حولين من الإهتمام بأمر أشراط الساعة الكبرى.الهدف من المقال هو بالأساس دفع للشبهات و الأكاذيب التي تنتشر على المدونات و المنتديات و مواقع التواصل الإجتماعي و حتى بعض الكتب التي ذهب بها الخيال إلى اختلاق علامات لم تأتي لا في كتاب الله و لا في سنة الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم.و من هنا اخترت أن يكون هذا المقال قطعا مع تلك الزيادات التي أراها تنتشر كالنار في الهشيم و التي من شأنها أن تفتح باب فتنة في الأمة، لذا ستكون كل علامة مشروحة شرحا مدققا و مدعمة بآيات الله و أحاديث رسول الله صل الله عليه و سلم حتى لا تكون فتنة.

ذكر رسول الله -صل الله عليه و سلم- هذه العلامات في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن نتذاكر فقال: ((ما تذاكرون؟)) قلنا: نذكر الساعة قال: ((إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.))

ننطلق بإذن الله في تحقيقنا من خلال هذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في كتابه "الفتن و أشراط الساعة"، الحديث يجمع كل علامات الساعة الكبرى. و هنا يسأل السائل:- هل هناك ترتيب محدد لأشراط الساعة الكبرى؟ليس هنالك ترتيب محدد لعلامات الساعة فقد ذكر المصطفى -صل الله عليه وسلم- هذه العلامات بغير هذا الترتيب في روايات أخرى صحيحة والذي يترجح من الأخبار كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :أن خروج الدجال هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال وينتهي ذلك بقيام الساعة ولعل خروج الدابة يقع في نفس اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب، واللـه أعلم

بذلك رجح علماؤنا الأجلاء أن الترتيب يكون كالتالي و الله أعلم:- الدجال (الآية العظمى المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض)- نزول عيسى بن مريم- يأجوج و مأجوج- طلوع الشمس من مغربها(الآية العظمى المؤذنة بتغير الأحوال)- الدابة (في نفس اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها)- الدخان- ثلاثة خسوف:خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب- نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم

على أي حال فإن العلامات الكبرى ستقع متتابعة فهي كحبات العقد إذا انفرطت منه حبه تتابعت بقية الحبات، كما قال رسول الله -صل الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه أحمد والحاكم في مستدركه وصححه على شرط مسلم وأقره الحاكم والذهبي والألباني من حديث أنس: ((الأمارات (أي العلامات الكبرى) خرزات منظومات في سلك، فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً))

إن علامات الساعة الكبرى ليس منفصلة عن الأشراط الصغرى، فمن الأشراط الصغرى للساعة ما يحصل بين الأشراط الكبرى و منها (قتال اليهود والريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين و هدم الكعبة و رفع القرآن إلخ..)، يسبق العلامات الكبرى علامات وسطى و هي انحسار نهر الفرات على جبل من ذهب و ظهور المهدي والملحمة الكبرى، و لا نستطيع التحدث عن أشراط الساعة الكبرى دون الحديث عن الأشراط الوسطى التي تهيؤ لها.

الآن و بعد أن وضعنا الإطار العام، نبدء على بركة الله في شرح العلامات:

1- انحسار نهر الفرات على جبل من ذهب (من علامات الساعة الوسطى):

روى البخاري في صحيحه في كتاب الفتن ( 8 / 100 ) باب خروج النار ، و مسلم في كتاب الفتن ( برقم 2894 ) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يُحْسَر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، فيقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا أنجو .

و في رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً . نفس المراجع السابقة ، ورواه أيضاً أبو داود ( برقم 4313 ) والترمذي ( برقم 2572 ) .و عن عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه قال : كنت واقفاً مع أبي بن كعب ، فقال : لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ؟ قلت : أجل ، قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يوشك الفرات أن ينحسر عن جبل من ذهب ، فإذا سمع به الناس ساروا إليه ، فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله ، قال : فيقتتلون عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة و تسعون . مسلم ( برقم 2895 ) .و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تذهب الدنيا حتى ينجلي فراتكم عن جزيرة من ذهب ، فيقتتلون عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة و تسعون . رواه حنبل بن إسحاق في كتابه الفتن ( ص 216 ) بسند صحيح .

ذهب البعض إلى أن المقصود بجبل الذهب هو "النفط" أو ما يسمى بالذهب الأسود، لكن هذا القول اتفق جمع العلماء على خطئه فمراد رسول الله -صل الله عليه وسلم- بجبل الذهب هو جبل من معدن الذهب يظهر بعد أن يجف ماء نهر الفرات، و هو الشيء الذي يحصل الآن بعد أزمة المياه التي تشهدها كل من تركيا و العراق و إيران و ذلك بعد أن بدأ منسوب مياه نهر الفرات بالإنخفاض، و العلم لله متى يكون موعد ظهور هذا الجبل من الذهب.على كل حال، فبعد ظهور جبل الذهب تظهر فتنة تكون بتصارع الناس على هذا الجبل. و حتى العالمون منهم بوصية رسول الله بأن لا يأخذ المؤمنون من هذا الجبل شيء فإن طمع البعض يقودهم يومها إلى الوقوع في الفتنة، فيقتل من كل مائة تسع و تسعون و يبقى واحد. فيقول العالمون بحديث رسول الله -صل الله عليه وسلم- علنا نكون نحن الناجين من تلك الفتنة.

2- ظهور المهدي:

عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير الى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلة لم يقتله قوم ) ثم ذكر شيئا لم احفظه فقال : فاذا سمعتموه فاتوه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله المهدي ) اخرجه الحاكم وابن ماجه واسناده صحيح وعن ابي هريرة

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يبابع الرجل ما بين الركن والمقام ولن يستحل البيت الا اهله فاذا استحلوه فلا تسال عن هلكة العرب ثم تجئ الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده ابدا هم الذين يستخرجون كنزه ) رواه احمد وابن حبان واسناده صحيح

على إثر فتنة الكنز الذي يظهر بعد انحسار نهر الفرات، يحدث خلاف بين أبناء ثلاث خلفاء فيترك المهدي أرضه و يهجرها إلى بيت الله الحرام، فيصلحه الله في ليلة. فيعرفه المسلمون في بيت الله الحرام و يبايعونه على نصرة الإسلام وقيادة الأمة بين الركن و المقام، و هذا لحاجة المسلمين عندها لقائد يقودها.

و قد جاء وصف المهدي في أحاديث الرسول صل الله عليه وسلم، فعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المهدي منا اهل البيت يصلحه الله في ليلة ) اخرجه ابن ماجه واحمد وابن ابي شيبة وهو حسن لذاته . أي أن المهدي يكون من أهل بيت رسول الله صل الله عليه وسلم و من نسل، و قد قال العلماء و الشارحون في ذلك أنه علوي فاطمي (نسبة لعلي و فاطمة رضي الله عنهما).

وعن ابي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي مني اجلى الجبهة اقنى الانف يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين ) اخرجه ابو داود والحاكم وهو حسن لشواهده.

و في هذا الحديث يصف رسول الله صل الله عليه وسلم وصفا جسديا للمهدي فيقول أجلى الجبهه (أي أن جبهته متسعه) أقنى الأنف (أي أن أنفه صغير الأرنبة و الأرنبة هي طرف الأنف)، و أما عن الحياة في قبله فوصفها الرسول صل الله عليه وسلم بأنها حياة ظلم و جور، و ظهور المهدي يمثل مرحلة فاصلة ليعود العدل و القسط.. و في نفس الحديث يذكر رسول الله صل الله عليه وسلم أن المهدي يملك 7 سنين.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تذهب او لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) رواه ابو داود والترمذي واحمد وهو صحيح لغيره في هذا الحديث أطلعنا رسول الله صل الله عليه وسلم على اسم المهدي و هو على اسم رسول الله صل الله عليه وسلم و اسم أبيه كاسم أبي الرسول فيكون بذلك محمد بن عبد الله، و أما عن المهدي فهي صفة لهذا الأمير و ليس اسمًا.

و أما فيما ورد من أحاديث صحيحة عن الأوضاع زمن المهدي 

عن ابي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا ) رواه مسلموعن ابي سعيد وجابر

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده ) رواه مسلمو

أما عن الحديث الأول فهذا يعني كثرة المال و هذا من علامات الساعة الصغرى أيضا، فيكثر المال في زمن المهدي إلى درجة يصعب معها عده، و أما عن الحديث الثاني فهو وصف لكرم المهدي و وصف أيضا لكثرة المال و الخير زمنه 

لنجمع أوصاف المهدي:

-اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم ( محمد ) .

-اسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ( عبد الله ) .

-يكون من اهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .

-من ولد فاطمة .

-أجلى الجبهة أقنى الأنف .-يصلحه الله في ليلة .

-تملا الارض قبل خلافته ظلما وجورا-يملاها قسطا وعدلا .

-يرى بعض العلماء : أنه هو المراد بمن يبابع بين الركن والمقام .

-يملك سبع سنين .

-يلي في آخر الزمان .

-يخرج في رايات سود من قبل خراسان .

-يسقيه الله الغيث .-تخرج الارض نباتها .

-تكثر الماشية .

-تعظم الأمة .

-يحثي المال حثيا .

-يعطي المال بغير عدد.

-يصلي عيسى خلفه .

-يرى ابن حبان أن الجيش الذي يخسف به هو الجيش الذي يخرج لمحاربة المهدي .

و سنعود إن شاء الله لاحقا للتطرق للأوصاف التي لم نذكر لها أحاديث هنا بما أنها تصادف علامات أخرى أيضا

يتبع إن شاء الله...