انا لست وحيد الله معي اليكم نظرية التطور يكاد صاحبها يعور.

بسم الله و به استعين و الصلاة و السلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله ان مما استقوفني و شدني بعد هاته المدخلات هي نظرية التطور التي اتى بها داروين و لكن العحب و المدهش سبقه بها ابن خلدون منذ خمسة قرون في الحديث عن تطورالمخلوقات وتشعبها - بل وحتى احتمال وجود علاقة بين الانسان والقردة.. فقد قال مثلا في أول فصل من مقدمته المعروفة: "... واعلم أرشدنا الله وإياك أن هذا العالم بما فيه من مخلوقات على هيئة من الترتيب والإحكام وربط الأسباب بالمسببات ... وعالم التكوين ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان بحيث يتصل آخر أفق المعادن بأول أفق النبات ويتصل آخر أفق النبات بأول أفق الحيوان ... ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد لأن يصير أول أفق للذي بعده... واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه حتى انتهى إلى الإنسان صاحب الفكر والروية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ولكنه لم ينته إلى الروية والفكر أول أفق الإنسان من بعده..."

ولكن ما أخر الانتباه لأفكار ابن خلدون أن كلمة (عالم القردة) في النص السابق حرفت في جميع الطبعات المتداولة في العصر الحاضر إلى (عالم القدرة) بدليل وجود المعنى الأول في طبعة باريس التي وثقها المستشرق الفرنسي كاترمير وظهرت عام 1858 قبل الطبعات المتداولة في العالم العربي .. بل وتوجد في الطبعة الفرنسية فصول وثنايا وخواتيم محذوفة من الطبعة العربية (أعظمها حجما عشرة فصول كاملة في الباب السادس) ..

وفي الفصل الخامس من الباب السادس يكرر ابن خلدون نفس المعنى السابق بخصوص تشعب وتطور المخلوقات حيث يقول: "... والوجود كله في عوالمه البسيطة والمركبة على ترتيب طبيعي

من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالًا لا ينخرم وأن المخلوقات التي في آخر كل أفق مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها من الأسفل والأعلى استعدادا طبيعيا، كما في النخل والكرم من

آخر أفق النبات، وكما في الحلزون والصدف من أفق الحيوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكياسة والإدراك مع الإنسان صاحب الفكر والروية... وهذا الاستعداد الذي في جانب كل أفق من العوالم هو معنى الاتصال فيها..."

ومثل هذه الفقرات تتكرر في مقدمة ابن خلدون وتشير في مجملها إلى وجود سلسلة تطورية تصل بين الخلائق بحيث يتحول آخر أفق فيها (بمعنى آخر مرحلة تطورية) إلى بداية خلق جديد ونوع مختلف..

... على أي حال حديثنا لم ينته بعد ، وفي المقال القادم سأخبركم كيف سبق بقية علمائنا العرب داروين في الحديث عن تطور المخلوقات وانبثاق الحياة من العدم...
يقول ابن خلدون في مقدمته، التي ألفها في عام 1377 م.، تحت المقدمة السادسة "في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة و يتقدمه الكلام في الوحي و الرؤيا" :

"ثم انظر الى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان...آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لابذر له، وآخر أفق النبات مثل النخل و الكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون...ومعنى الاتصال...أن آخر أفق ...مستعد...لأن يصير أول أفق الذي بعده. واتسع عالم الحيوان...وانتهى في تدريج التكوين الى الإنسان...للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية الى الملكية ليصير بالفعل من جنس الملائكة..."

فيتضح من كلام ابن خلدون أنه قسم الموجودات الى فصائل تصاعدية، أسماها آفاقا، و لكل فصيلة حد أدنى يتدرج رقيا حتى يصل الى حد الفصيلة الأعلى (على سبيل المثال: الحشائش هي أبسط النباتات أو أقلها تعقيدا أو أدناها مرتبة، والنخل هو أكثر النباتات تعقيدا وأعلاها مرتبة) ثم ان للنبات قدرة على ان يتحول من فصيلته النباتية الدنيا الى فصيلة الحيوان الأعلى (فيصير النخل حلزوناً). وهذا بالضبط ما يوثقه داروين في نظريته التي طرحها في كتابه " في أصل الفصائل" الذي نشره في عام 1859م. حيث يفسر تعدد أصناف الكائنات الحية بالتحول من فصيلة الى أخرى رقيا بواسطة تركيز الصفات الوراثية الأقدر على مجاراة البيئة عبر الأجيال.

وبالرغم من المفارقات بين اطروحات الرجلين في مدى وحدود وأسباب وآليات ومعالم التطور وعلاقته بالدين إلا أننا نجد أن الفكر التطوري عند كليهما واحد،ٌ ومنطلقه التدرج بين المخلوقات رقياً من الأدنى الى الأعلى. وإن كانت قمة الهرم التطوري عند داروين هي الرجل الأبيض، فقمته عند ابن خلدون هي الملائكة.

المفارقة العجيبة في هذا كله، هي أن ابن خلدون سبق داروين الى هذه النظرية، الكفرية ،
ثم نتطرق الى شيء آخر و نقول لما بدا و اشار في ذلك الوقت بالذات و قال الامة الوحشية على امة الاسلام التي لا تقدر ان تقوم بالمعمار و لا تصلح الى للسيف الم تكن الاندلس قد بنيت امامه ما هو الغرض سوف تعرف اذن من خلال الافلام الهوليودية التي جاءت لتشوه العرب خاصة و المسلمين عامة في القرن الماضي ننتظر مناقشة من جميع الاخوة.